فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
[فصل في ذكر الأحكام التي تستفاد من هذا الحديث]
وقال النووي: ويستفاد من هذا الحديث جمل من المعلوم؛ منها: الحث على الصدقة وأفعال البر والإكثار من الاستغفار وسائر الطاعات.
وفيه أن الحسنات يذهبن السيئات؛ كما ذكره تعالى في كتابه العزيز.
وفيه أن كفران العشيرِ والإحسانِ من الكبائر؛ فإن التوعد بالنار من علامة كون المعصية كبيرة.
وفيه أن اللعن أيضًا من المعاصي الشديدةِ القُبْح، وليس فيه أنه كبيرة؛ فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"تكثرن اللعن" والصغيرة إذا كثرت .. صارت كبيرة، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَعْنُ المسلم كَقْتلِه".
واتفق العلماء على تحريم اللعن؛ فإنه في اللغة: الإبعاد والطرد، وفي الشرع: الإبعاد من رحمة الله تعالى، فلا يجوز الإبعاد من رحمة الله من لا يعرف حاله وخاتمة أمره معرفةً قطعيةً، فلهذا قالوا: لا يجوز لعن أحد بعينه مسلمًا كان أو كافرًا أو دابةً إلَّا من علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر؛ كأبي لهب، أو يموت عليه؛ كإبليس.
وأما اللعن بالوصف .. فليس بحرام؛ كلعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، والمصورين، والظالمين، والفاسقين، والكافرين، ولعن من غَيَّر منارَ الدين، ومن تولَّى غَيْرَ مواليه، ومن انتسب إلى غير أبيه، ومن أحدث في الإسلام حدثًا، أو آوى مُحدِثًا، وغير ذلك مما