قال النووي: وفي قوله: (أبمزمور الشيطان ... ؟ ) إلخ، فيه: أن مواضع الصالحين وأهل الفضل تُنَزَّه عن الهوى واللَّغْو ونحوِه، وإن لم يكن فيه إثم، وفيه أن التابع للكبير إذا رأى في حضرته ما يُستنكر أو لا يليق بمجلس الكبير .. يُنكره ولا يكون هذا افتياتًا على الكبير، بل هو أدب ورعايةُ حرمة وإجلالٌ للكبير من أن يتولَّي ذلك بنفسه وصيانةٌ لمجلسه، وإنما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عنهن؛ لأنه مباح لهن، وتسَجَّى بثوبه وحوَّل وجهه عن اللهو، ولئلا يستَحْيِينَ فيقطَعْنَ ما هو مباح لهن، وكان هذا من رأفتهِ صلى الله عليه وسلم وحِلْمه وحسن خُلقه. انتهى منه.
[تتمة]
قولها:(وعندي جاريتان) أي: دون البلوغ من جواري الأنصار وبناتِهم؛ إحداهما لحسان بن ثابت، أو كلاهما لعبد الله بن سلام، اسم إحداهما حَمَامة، واسمُ الأخرى زينب؛ كما في "الإرشاد".
(تغنيان) أي: ترفعان أصواتهما (بغناء بعاث) أي: بأشعار تقاولت بها الأنصار يوم وقعة بعاث؛ من فخر وهجاء.
قال القاضي: وقوله: (وليستا بمغنيتين) أي: ليس الغناء عادةً لهما، ولا هما معروفتان به؛ إنما كان غناؤهما بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة، وهذا لا يهيج الجواري على شر ولا إنشادهما كذلك من الغناء المختلف فيه، وإنما هو رفع الصوت بالإنشاد، ولهذا قالت: وليستا بمغنيتين.
أي: ليستا ممن يغني بعادة المغنيات؛ من التشويق والهوى والتعرض