فإن قلت: بين حديث ابن عباس وحديث ابن عمر معارضة؛ لأن حديث ابن عباس يدلُّ على أنه يقوله في وسط الأذان، وحديث ابن عمر يدلُّ على أنه يقوله بعد الفراغ من الأذان.
قلت: لا معارضة بينهما؛ لأن هذا جرى في وقتٍ وذلك في وقت آخر، وكلاهما صحيح، كما تقدم ذلك كله.
قال القرطبي: وظاهر هذين الحديثين جواز التخلف عن الجماعة والجمعة للمشقة اللاحقة من المطر والريح والبرد وما في معنى ذلك من المشاق المحرجة في الحضور والسفر، وهذا في غير الجمعة قريب؛ إذ ليس غيرها بواجب على أصولنا، وأما في الجمعة .. ففيه إشكال، وقد اختلف الناس في جواز التخلف عنها لعذر المطر والوحل: فذهب أحمد بن حنبل إلى جواز التخلف عنها للمطر الوابل، وبمثله قال مالك في المطر الشديد والوحل في أحد القولين عنه، وروي عنه أنه لا يجوز، وحديث ابن عباس حجة واضحة على الجواز.
[فرع]
وعلى القول بالجواز عن مالك تترك لعذر تمريض المشرف على الهلاك القريب والزوجة والمملوك، وقال أبو القاسم: ولجنازة أخ من إخوانه ينظر في أمره، وقال ابن حبيب: ولغسل الميت عنده. انتهى من "المفهم".
وضأرك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب الكلام في الأذان، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة.