وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الثمار، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث ابن سلمة، ورواه أحمد في "مسنده".
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، ولأن له شاهدًا في "الصحيحين"، وغرضه: الاستشهاد به.
[تتمة]
واعلم: أن بيع الثمار قبل ظهورها باطل إجماعًا، ولا خلاف فيه؛ لكونه بيع المعدوم، وأما بيعها بعد الظهور قبل بدو صلاحها .. فله صور ثلاثة:
الأولى: أن يشترط البائع على المشتري أن يقطعها فورًا ولا يتركها على الأشجار، وهذه الصورة جائزة بإجماع الأئمة الأربعة، وجمهور فقهاء الأمصار إلا ما حكاه الحافظ في "الفتح"(٤/ ٣٢٩) عن ابن أبي ليلى والثوري أنهما يقولان ببطلان هذه الصورة أيضًا.
والصورة الثانية: أن يشترط المشتري ترك الثمار على الأشجار حتى يَحِيْنَ الجَذَاذُ، وهذه الصورة باطلة بالإجماع، ولا يصح البيع فيها عند أحد إلا ما حكاه الحافظ في "الفتح" عن يزيد بن أبي حبيب أنه يقول بجواز هذه الصورة أيضًا.
والصورة الثالثة: أن يقع البيع مطلقًا، ولا يشترط فيه قطع ولا ترك، فهذه الصورة على خلاف بين الأئمة؛ فقال مالك والشافعي وأحمد: البيع فيها باطل، واستدلوا بعموم حديث الباب؛ فإنه ينهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها