والدرجة الثانية، وإن كانت مستحبة في نفسها، ولكن الدرجة الأولى لا تكاد تحصل إلا بها؛ لأن من كثر انهماكه فيما يفضل عن حاجته .. أوشك أن يقع في محظور.
والدرجة الثالثة إنما تحصل بعد تحصيل الدرجتين الأوليين.
وقال الحافظ ابن القيم في "مدارج السالكين": والذي أجمع عليه العارفون أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا، وأخذه في منازل الآخرة.
ومتعلقه ستة أشياء، لا يستحق العبد اسم الزهد حتى يزهد فيها؛ وهي:
المال، والصور، والرئاسة، والناس، والنفس، وكُلُّ ما دون الله تعالى.
قال: وليس المراد: رَفْضَها مِن المُلْكِ؛ فقد كان سليمانُ وداوودُ عليهما السلام من أزهد أهلِ زمانهما، ولهما من المال والملك والنساء ما لهما، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم من أزهد البشر على الإطلاق، وله تسعُ نسوة، وكان علي بن أبي طالب، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وعثمان رضي الله تعالى عنهم أجمعين من الزُهَّاد، مع ما كان لهم من الأموال.
وكان الحسن بن علي من الزُّهَّاد مع أنه كان من أكثر الأمة محبةً للنساء ونكاحًا لهن، مع أنه كان له رأسُ مال، يقول: لولا هـ .. لتَمَنْدَل بنا هؤلاءِ.
ومن أحسن ما قيل في الزهد: كلام الحسن البصري أو غيره: (ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال، ولا بإضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله