أي: أرخاها إلى وسط الظهر (بين كتفيه) والكتفان: العظمان الناتئان في أعلى الظهر تحت العنق.
قال الحافظ: زعم الحاكم في "الإكليل" أن بين حديث أنس في المغفر، وبين حديث جابر في العمامة السوداء .. معارضة، وتعقبوه باحتمال أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم أزاله ولبس العمامة بعد ذلك، فحكى كل منهما ما رآه، ويؤيده أن في حديث عمرو بن حريث أنه خطب الناس وعليه عمامة سوداء، أخرجه مسلم أيضًا، وكانت تلك الخطبة عند باب الكعبة؛ وذلك بعد تمام الدخول، وهذا الجمع لعياض.
وقال غيره ة يجمع بأن العمامة السوداء كانت ملفوفة فوق المغفر، أو كانت تحت المغفر؛ وقاية لرأسه عن صدأ الحديد، فأراد أنس بذكر المغفر بيان كونه دخل متهيأ للحرب، وأراد جابر بذكر العمامة بيان كونه دخل غير محرم، وبهذا يندفع إشكال من قال:(لا دلالة في الحديث على جواز دخول مكة بغير إحرام) لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم كان محرمًا، ولكنه غطى رأسه لعذر، فقد اندفع ذلك بتصريح جابر؛ بأنه لم يكن محرمًا. انتهى منه.
قال النووي: قوله: (وعليه عمامة سوداء) فيه جواز لبس الثياب السود، وفي الرواية الأخرى:(خطب وعليه عمامة سوداء) ففيه جواز لبس الأسود في الخطبة، وأن الأبيض أفضل منه؛ كما ثبت في الحديث الصحيح:"خير ثيابكم البياض" وأما لبس الخطباء السواد في حال الخطبة .. فجائز، ولكن الأفضل البياض؛ كما ذكرنا، وإنما لبس العمامة السوداء في هذا الحديث؛ بيانًا للجواز، كذا في الشرح، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب