أخرجتها إليكم (كانت) بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (عند) أختي (عائشة) رضي الله تعالى عنها مدة حياتها (حتى قبضت) وماتت عائشة (فلما قبضت) وماتت عائشة .. (قبضتها) أي: قبضت هذه الجبة وحفظتها عندي (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها) في حياته (فنحن) معاشر الصحابة والأتباع (نغسلها) الآن (للمرضى) حالة كونها (يستشفى بها) أي: يطلب الشفاء من الأمراض بشرب غسالتها والتمسح بها، ففيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي: قول أسماء (هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم) تحتج بذلك على جواز العلم من الحرير، فإن الجبة كانت فيها لبنة من حرير، وكانت مكفوفة بالحرير.
(واللِّبْنَةُ) - بكسر اللام وسكون الموحدة فنون -: رقعة توضع في جيب القميص والجبة؛ على ما في "النهاية".
ووجه الاحتجاج بذلك: أنه إذا كان القليل من الحرير المصمت (أي: الخالص) المخيط في الثوب جائزًا .. كان العلم بالجواز أولى، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن ذلك الحرير وضع في الجبة وخيط عليها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان كذلك .. لما احتجت به أسماء، ولكان الواضع معروفًا عندهم؛ فإن الاعتناء بتلك الجبة كان شديدًا وتحفظهم بها كان عظيمًا؛ لأنها من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم المتداولة عندهم للتذكر وللتبرك والاستشفاء بها، فيبعد ذلك الاحتمال، بل يبطل؛ بدليل قولها:(هذه كانت عند عائشة رضي الله تعالى عنها ... ) إلى آخر الكلام، فتأمله؛ فإنه يدل على ذلك دلالة واضحة. انتهى من "المفهم".