وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) نهي إرشاد وتنزيه وكراهة (عن القزع) وفي "الصحاح": القزع - بفتحتين -: أن يحلق رأس الصبي وكذا الصبية في موضع ويترك الشعر في مواضع منه متفرقًا.
ويقال: قزع رأسه تقزيعًا؛ من باب فعل المضعف؛ إذا حلق شعره وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه، ورجل مقزع؛ أي: رقيق شعر الرأس متفرقه، والقزع في الأصل: قطع من السحاب رقيقة، الواحدة قزعة. انتهى.
قلت: لا خلاف في أنه إذا حلق من الرأس مواضع، وأبقيت مواضع .. أنه القزع المنهي عنه؛ لما عرف من اللغة؛ كما نقلناه آنفًا، ولتفسير نافع له بذلك؛ كما ذكره المؤلف بقوله:(قال) عمر بن نافع: قلت لنافع كما هو مصرح به في "مسلم": (وما) معنى (القزع؟ قال) نافع في تفسير القزع: هو (أن يحلق) بالبناء للمفعول (من رأس الصبي مكان) واحد (ويترك مكان) آخر.
واختلف فيما إذا حلق جميع الرأس وترك منه موضع؛ كشعر الناصية، أو فيما إذا حلق موضع وحده وبقي أكثره: فمنع ذلك مالك، ورآه من القزع المنهي عنه، قال النووي: وهذا الذي فسره به نافع أو عبيد الله هو الأصح، وهو أن القزع حلق بعض الرأس مطلقًا، ومنهم من قال: هو حلق مواضع متفرقة منه، والصحيح الأول؛ لأنه تفسير الراوي، وهو غير مخالف للظاهر، فوجب العمل به، وأما ما ذكر في "صحيح البخاري" من قوله: "إذا حلق الصبي وترك ها هنا شعرة وها هنا شعرة" .. فالظاهر هو تمثيل بفرد من أفراد القزع، وليس تعريفًا له.