قال النووي: قال أصحابنا: هذا الحديث فيمن جلس في موضع من المسجد أو غيره؛ كالسوق لصلاة أو غيرها؛ كالصفق في الأسواق، ثم فارقه ليعود، بأن فارقه ليتوضأ أو يقضي شغلًا يسيرًا، ثم يعود إليه .. لَمْ يبطل اختصاصه بذلك المكان، بل إذا رجع .. فهو أحق به في تلك الصلاة، فإن كان قد قعد فيه غيره .. فله أن يقيمه، وعلى القاعد أن يفارقه؛ لهذا الحديث، هذا هو الصحيح عند أصحابنا، وأنه يجب على من قعد فيه مفارقته إذا رجع الأول.
قال أصحابنا: ولا فرق بين أن يقوم منه ويترك فيه سجادة أو نحوها أم لا، فهو أحق به في الحالين، قال أصحابنا: وإنما يكون أحق في تلك الصلاة وحدها دون غيرها.
قال ابن عابدين في "رد المحتار"(١/ ٦٦٢): وينبغي تقييده؛ أي: تقييد كون كلّ موضع من المسجد مباحًا لكل أحد، بما إذا لَمْ يقم منه على نِيةِ العودِ بلا مهلة؛ كما لو قام للوضوء مثلًا، ولا سيما إذا وضع فيه ثوبه؛ لتحقق سبق يده، وهذا كله، إذا لَمْ يطل غيابه عن ذلك الموضع، فلا يدخل فيه ما يفعله بعض الناس من ترك سجادتهم بعد صلاة المغرب؛ ليحجزوا مكانهم لصلاة العشاء؛ فإن الحديث إنما يتعلق بمن قام من مجلسه ليعود بعد قليل لتلك الصلاة؛ كمن قام لوضوء، لا كمن خرج إلى السوق أو إلى المطعم.
وقد اختلف العلماء فيمن ترتب من العلماء والقراء وتعود بالجلوس بموضع من المسجد للفتيا أو للتدريس: فحكي عن مالك أنه أحق به إذا عرف به،