وأولادكم باسمي محمد؛ لأنه لا محذور فيه (ولا تكنوا بكنيتي) بحذف إحدى التاءين؛ لأنه من تفعل الخماسي؛ كما مر في نظيره آنفًا؛ أي: لا تسموا أنفسكم ولا أولادكم بكنيتي أبي القاسم، وفي رواية أبي هريرة في الحديث اختصار، وتمامه؛ كما في رواية جابر:(فإنما بعثت قاسمًا أقسم بينكم) فحذف مفعولَ القسم في هذه الزيادة إفادةً للعموم؛ أي: أقسم بينكم العلم والغنيمة ونحوهما، وقيل: البشارة للصالح، والنذارة للطالح، ويحتمل أن تكون قسمة الدرجات والدركات مفوضة إليه صلى الله عليه وسلم ولا منع من الجمع؛ كما يدل عليه حذف المفعول؛ لتذهب أنفسهم كُلَّ المَذْهَب، ويشرب كل واحد من ذلك المشرب، وهذا المعنى غير موجود حقيقةً في حقكم، بل مجرد اسم لفظًا أو صورةً في شأنكم وشأن أولادكم.
والحاصل: أني لست أبا القاسم بمجرد أن ولدي كان مسمىً بقاسم، بل لوحظ معنى القاسمية فِيَّ باعتبار القسمة الأزلية في الأمور الدينية والدنيوية، فلست كأحدكم لا في الذات ولا في الصفات ولا في الأسماء. انتهى من "المرقاة".
وفي "السنوسي": وهذا القول يشير إلى أن العلة الموجبة للتكنية لا توجد في غيره؛ لأن معنى كونه قاسمًا: أنه الذي قسم المواريث والغنائم والزكاة والفيء وغير ذلك من المقادير بالتبليغ عن الله تعالى. انتهى منه.
قال السندي: وهذا الحديث يدل على أن علة النهي: الالتباس المرتب عليه الإيذاء حين مناداة بعض الناس بعضًا بهذه الكنية، والالتباس لا يتحقق في الاسم، ولأنهم نهوا عن ندائه صلى الله عليه وسلم بالاسم، فقال تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}(١).