وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قالت) عائشة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن): وهو الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف في القراءة، ولا يشق عليه القرآن؛ لجودة حفظه وإتقانه يكون في الآخرة منزلةً (مع) الملائكة (السفرة) جمع سافر؛ ككاتب، وزنًا ومعنىً؛ وهم الملائكة الموصوفون بقوله:(الكرام البررة) كما في الآية الكريمة.
قال ابن الملك: أراد بهم: الملائكة الذين يكتبون أعمال العباد ويحفظونها لأجلهم، ومعنى (كونه معهم): أن يكون في منازلهم، ورفيقًا لهم في الآخرة؛ لاتصافه بصفتهم من جهة أنه حامل الكتاب وأمين عليه.
و(البررة) جمع البار بمعنى: المحسن. انتهى.
قوله: "الماهر بالقرآن" قال الهروي: من المهر؛ وهو الحذق بالسباحة؛ يعني: الحاذق المتقن بتلاوته.
قلت: ومنه قول امرئ القيس:
وترى الضب خفيفًا ماهرًا ... ثانيًا برثنَهُ ما ينعفرْ
(البراثن) بمنزلة الأصابع من الإنسان (ما ينعفر) أي: لا يصيبه العفر؛ وهو التراب.
وقال المهلب: المهارة في القرآن: جودة التلاوة بجودة الحفظ، ولا يتردد فيه؛ لأن الله سبحانه يسره عليه؛ كما يسره على الملائكة، فهو على مثلهم في الحفظ والدرجة.