شيء من الأدعية، ولا يقوم مقامه شيء من الكلام الذي يدعى به ذو الجلال والإكرام.
وقد تقدم تحقيق معنى العافية آنفًا بأنها دفاع الله عن العبد، فالداعي بها قد سأل ربه دفاعه عن كل ما ينوبه.
وقد كان صلى الله عليه وسلم ينزل عمه العباس منزلة أبيه، ويرى له من الحق ما يرى الولد لوالده، ففي تخصيصه بهذا الدعاء، وقصره على مجرد الدعاء بالعافية .. تحريك لهمم الراغبين على ملازمته، وأن يجعلوه من أعظم ما يتوسلون به إلى ربهم سبحانه وتعالى ويستدفعون به في كل ما يهمهم.
ثم كلمه صلى الله عليه وسلم بقوله:"سل الله العافية في الدنيا والآخرة" فكان هذا الدعاء من هذه الحيثية قد صار عُدَّةً لدفع كل ضرر وجلب كل خير.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًّا، قال الجزري في "عُدَّةِ الحِصنِ الحصينِ": لقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم دعاؤه بالعافية، وورد عنه صلى الله عليه وسلم لفظًا ومعنىً من نحو خمسين طريقًا.
وقال الترمذي في حديث العباس هذا: حديث حسن صحيح، وأخرجه الطبراني بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح، غير أن يزيد بن أبي زياد حسن الحديث؛ لأنه مختلف فيه، كذا في "مجمع الزوائد"، وأخرجه أحمد أيضًا. انتهى من "تحفة الأحوذي".
فدرجة حديث الباب؛ أعني: حديث أنس بن مالك: ضعيف السند؛ لأن فيه سلمة بن وردان، وهو متفق على ضعفه، صحيح المتن؛ لأن له شواهد وردت من نحو خمسين طريقًا، وغرضه: الاستدلال به على