فمناسبة الحديث للترجمة صريحة، وأما إذا كان المراد من الوضوء: الاستنجاء العرفي .. فتكون المناسبة بالاستنباط؛ وهو أنه إذا سلم على الرجل وهو غير متوضي، وجاز له تأخير رده إلى الوضوء .. فجواز تأخير الرد في حالة البول من باب أولى. انتهى، انتهى من "بذل المجهود".
قلت: كلام عبد الغني هذا - عفا الله عنه - كلام من ليس له إلمام بالعلوم العربية؛ لأن المقام ليس من باب الاستعارة، بل من باب المجاز المرسل، ولا من باب الاستنباط، بل من باب القياس الأولوي، وكيف يقول أيضًا في عبارته: وهو غير متوضي؟ ! لأن لفظ المتوضئ من المهموز لا من المنقوص، فيا ويح من يؤلف الكتاب بلا رسوخ في العربية، فيا أهل عصرنا؛ انتبهوا وتعلموا العربية؛ لأنكم تكتبون البحوث والرسائل، ولستم أهلًا لها، والله أعلم.
وفي الحديث دلالة على أن المسلم في هذا الحال لا يستحق الرد عليه، وفيه أيضًا دلالة على أنه ينبغي لمن سُلّم عليه في تلك الحال أن يدع الرد حتى يتوضأ أو يتيمم ثم يرد، وهذا إذا لم يخش فوت المسلِّم، وأما إذا خشي فوته .. فالحديث لا يدل على المنع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تمكن من الرد بعد أن توضأ أو تيمم - على اختلاف الروايات - فيمكن أن يكون تركه لذلك طلبًا للأفضل؛ وهو الرد حال الطهارة. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة (٨)، باب أيرد السلام وهو يبول، رقم (١٧)، وأحمد في "مسنده"، والنسائي في كتاب الطهارة، رقم (٣٨).
فدرجة الحديث: أنه حديث صحيح؛ لأن رجاله ثقات، وله شواهد، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.