للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ عَلَى صورَتِي".

===

فكأن رؤيته تلك رؤية في اليقظة (فإن الشيطان لا يتمثل) أي: لا يقدر أن يتصور (على صورتي) أي: لا يظهر على صورتي بحيث يظن الرائي أنه النبي صلى الله عليه وسلم، قيل: هذا يختص بصورته المعهودة فَيُعْرَضُ على الشمائل الشريفة المعروفةِ؛ فإن طابقت الصورةُ المرئية تلك الشمائل .. فهي رؤيا حق، وإلا .. فالله أعلم بذلك.

وقيل: بل في أي صورة كانت، وقد رجحه كثير؛ بأن الاختلاف إنما يجيء من أحوال الرائي وغيره، والله أعلم، قيل: وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم مظهر الاسم الهادي، ولذلك قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (١)، والشيطان مَظْهَرُ المُضل، والهداية والإضلال ضدان، فمنع الشيطان عن ظهوره على صورته صلى الله عليه وسلم. انتهى من "السندي".

وفي "التحفة": اختلف العلماء في معنى قوله: "فقد رآني": فقال ابن الباقلاني: معناه: أن رؤياه صحيحة، ليست بأضغاث ولا من تشبيهات الشيطان، ويؤيد قوله رواية: "فقد رأى الحق" أي: الرؤية الصحيحة، قال: وقد يراه الرائي خلاف صفته المعروفة؛ كمن رآه أبيض اللحية، وقد يراه شخصان في زمن واحد؛ أحدهما في المشرق، والآخر في المغرب، ويراه كل منهما في مكانه، وحكى المازري هذا عن الباقلاني.

ثم قال: وقال آخرون: بل الحديث على ظاهره؛ والمراد: أن من رآه .. فقد أدركه، ولا مانع يمنع من ذلك، والعقل لا يحيله حتى يضطر إلى صرفه عن ظاهره.

فأما قوله: (فإنه قد يرى على خلاف صفته، أو في مكانين معًا) .. فإن


(١) سورة الشورى: (٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>