قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ؛ يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ
===
(قال) أبو هريرة - رضي الله عنه -: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قاتل تحت راية عمية) أي: راية أُعْمِي المرادُ منها، وجُهِل المَقْصدُ من الاجتماع تحتها؛ هل هو لنصر الحق؛ كالقتال لإعلاءِ كلمة الله، أو لنصرِ الباطل؛ كالقتال للعصبيةِ أو الوطنيَّة بلا قَصدِ نَصْرِ من معه الحقُّ.
والعمية - بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان، والميم مشددة أيضًا - قالوا هي الأمر الأعمى الذي لا يتبين وجهه، كذا قال النووي.
قلت: وقد ضبطها في "القاموس" على هذا الضبط؛ وفسرها بالكِبْرِ والضلال، وزاد قوله: والعَمِيَّةُ - كغَنِيَّةِ -: الغَوايةُ واللَّجاج، ولكن لم يرد في نسخ "مسلم" إلا الضبط الذي ذكره النووي، وقد وُصف بها الرايةُ؛ والمراد: وصف من اجتمع تحتها من الناس.
والمعنى: من قاتل تحت راية اجتمع أهلها على أمر مجهول لا يعرف أنه حق أو باطل، يدعون الناس إليه، ويقاتلون لأجله، من غير بصيرة فيه، ولا حجة عليه حالة كونه (يدعو) الناس (إلى) نصر (عصبية) أي: نصر أقاربه أو نصر قبيلته أو نصر أهل وطنه أو نصر أهل لسانه، من غير أن ينظر إلى من معه الحق.
(أو) حالة كونه (يغضب لعصبية) أي: لأهل قرابته أو قبيلته، قال النووي: عصبة الرجل: أقاربه من جهة الأب، سموا بذلك؛ لأنهم يعصبونه؛ أي: يحيطون به عند الشدائد؛ كإحاطة العصابة بالرأس، ويعتصب بهم؛ أي: يشتد بهم على أعدائه.
والمعنى: يغضب ويقاتل ويدعو غيره إلى ذلك لا لنصرة الحق والدين، بل