أي: ثم ليغسل ذلك الإناء؛ لتنجسه أيضًا بفم الكلب "سبع مرات" جمع مرة، ولذلك ذكر اسم العدد.
قال ابن عبد الملك: وبهذا الحديث عمل الشافعي رحمه الله تعالى، فأوجب غسله سبع مرات، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يكفي غسله ثلاث مرات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"يُغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثًا"، وحملوا حديث أبي هريرة على ابتداء الإسلام؛ زجرًا للعرب عن اقتناء الكلاب، لشدة ائتلافهم بها حتى كانوا يطعمون معها، والأمر فيه للوجوب على كلا القولين، وعند مالك الأمر للندب؛ لاعتقاده طهارة الكلب. انتهى.
وقال في "المبارق": وإنما قال: "في إناء أحدكم" ولم يقل: من إناء أحدكم؛ لأن شرب السباع إنما يكون على وجه الظرفية؛ لتناولها الماء بألسنتها. انتهى.
وعبارة "المفهم" هنا: وقد تمسك الشافعي بظاهر الأمر بالغسل والإراقة، وبقوله:"طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله ... " إلى آخره .. على أن الكلب نجس، وعلى أن ذلك الماء والإناء نجسان بسبب لعابه، ومع ذلك فلا بد عنده من غسل الإناء سبعًا، وذهب أبو حنيفة إلى القول بأن ذلك للنجاسة، ويكفي غسله بالماء مرة واحدة، والمشهور من مذهب مالك: أن ذلك للتعبد لا للنجاسة، وهو قول الأوزاعي وأهل الظاهر. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
فهو في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.