وفيه إشارة إلى أن كونهم على تلك الصفة غير متيقن لهم؛ لعدم اطلاعهم على المغيبات، قاله ابن الملك.
وقولُه:(تتنافسون) أي: تتراغبون إلى الدنيا ... إلى آخره .. تفسيرٌ لقوله: "أو غير ذلك" والمعنى: أو تفعلون غير ذلك الذي قلته من الشكر، وذلك الغير بأن تكونوا تتنافسون، أي: تتسابقون إلى أخذ الدنيا (ثم تتحاسدون) بعد الأخذ (ثم تتدابرون) أي: تتقاطعون؛ فيُوَلِّي كلّ واحد منكم دبره إلى الآخر، معرضًا عنه بوجهه (ثم تتباغضون) أي: يبغض بعضكم بعضًا، ثم تنبت البغضاء في قلوبكم، وتتراكم فيها، حتى يكون عنها الخلاف والقتال والهلاك؛ كما وجد.
ويحتمل كون قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تتنافسون ... " إلى آخره .. جوابًا لسؤال مقدر وقع من عبد الرَّحمن بن عوف، تقديره: كيف نفعل غير ذلك؛ فقال له: تتنافسون في الدنيا ... إلى آخره.
(أو) تفعلون (نحو ذلك) بأن تتقاتلوا أو تتضاربوا أو تنتهبوا أو تغصبوا إلى غير ذلك من الأذى (ثم تنطلقون) وتتصرفون (في) شؤون (مساكين المهاجرين) وضعفائهم (فتجعلون بعضهم) أي: فتجعلون بعض مساكينهم أُمَراء (على رقاب بعض) آخر منهم، وَالِينَ عليهم.
وحاصل المعنى: أنَّ الذين يُعدُّون اليومَ من فقراء المهاجرين ومساكينهم سوف يكون بعضُهم أميرًا على بعض، فيقع التنافسُ في المال والجاه جميعًا.
والتعبير بـ (الرقاب): من التعبير بالبعض عن الكل؛ والمراد: تجعلون بعضهم أمراء على بعض، يعني: أن مساكين المهاجرين تفتح عليهم الدنيا