للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ وَقَالَ: قَدْ وَاللهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا.

====

أي: علم ذلك الحق كونه حقًّا (قال) أبو نضرة: (فبكى أبو سعيد) حسرة على ما وقع منه فيما سبق من تركه الكلام بالحق؛ مخافة الناس (وقال) أبو سعيد بعد بكائه: (قد والله رأينا) أي: عرفنا (أشياء) كانت من الحق (فهبنا) أي: تركنا الكلام فيها هيبةً من الناس؛ من هابه يهابه؛ أي: يخافه؛ والمعنى: منعتنا هيبة الناس أن نتكلم فيها ونأمر بها.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء في إخبار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة، أخرجه مطولًا، قال أبو عيسى: وفي الباب عن حذيفة وأبي مريم وأبي زيد بن أخطب والمغيرة بن شعبة، وذكروا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثهم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، وهذا حديث حسن صحيح.

ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما قاله الترمذي، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة، ولكن هذا الحديث صحيح بغيره؛ لأن له شواهد؛ كما بيناه.

وفي هذا الحديث النهي المؤكد عن كتمان الحق؛ خوفًا من الناس، أو طمعًا في المعاش؛ فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء؛ كالضرب والشتم وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، أو نحو ذلك .. فهو داخل في النهي، ومخالف للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه .. فكيف يكون حال من لا يكتفي بذلك، بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء، ويتهمهم في عقيدتهم أو دينهم؟ !

<<  <  ج: ص:  >  >>