للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُمْلِي لِلظَّالِمِ؛ فَإِذَا أَخَذَهُ .. لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ}.

===

(يملي) من الإملاء؛ أي: يمهله ويؤخره ويُطَوِّل عُمْرَه حتى يكثر منه الظلمُ، وهو مشتق من المِلَوَةِ - بتثليث الميم - وهي المدة والزمان، وهذا نظير قوله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (١).

أي: يملي (للظالم، فإذا أخذه) الله تعالى .. (لم يفلته) أي: لن يخرج من يده ولن يعجزه إهلاكه: بضم الياء من الإفلات؛ من باب الإفعال؛ أي: لن يطلقه، يقال: أفلتُّه؛ إذا أطلقته؛ وانفلت: تخلَّص منه، وقال الحافظ: لن يخلصه؛ أي: إذا أهلكه .. لن يرفع عنه الإهلاك.

وهذا على تفسير الظلم بالشرك على إطلاقه، وإن فسر بما هو أعم .. فيحمل كل على ما يليق به.

(ثم قرأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية؛ يعني: قوله تعالى: ({وَكَذَلِكَ}) خبر مقدم ({أَخْذُ رَبِّكَ}) مبتدأ مؤخر؛ والتقدير: ومثل ذلك الأخذِ؛ أي: أخذِ الله الأمم السالفة أَخْذُ ربك ({إِذَا أَخَذَ الْقُرَى}) و (إذا) ظرف ناصبه المصدر قبله، والمسالة من باب التنازع؛ فإن الأخذ يطلب القرى، وأخذ الفعل أيضًا يطلبها، فالمسألة من إعمال الثاني للحذف من الأول ({وَهِيَ ظَالِمَةٌ}) جملة حالية، وفي رواية البخاري زيادة: ({إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}) (٢) أي: وجيع صعب على المأخوذ، وفيه تحذير عظيم عن الظلم كفرًا كان أو غيره، لغيره أو لنفسه ولكل أهل قرية. انتهى "قسطلاني".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب التفسير،


(١) سورة الأعراف: (١٨٣).
(٢) سورة هود: (١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>