فاغتسلت بهذا الماء؛ وهو فضلة يدي، وهو بضم الجيم والنون، والجنابة معروفة، يقال: منها أجنب بالألف، وجنب على وزن (قرب)، فهو جنب، ويطلق على المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع.
(فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الماء لا يُجنب) وفي رواية أبي داوود: "إن الماء لا يجنب" أي: لا يتنجس باستعمال الجنب منه، ولا يظهر فيه أثر جنابته بحيث لا يحل استعماله. انتهى "سندي". وهو بضم الياء وكسر النون من (أجنب) الرباعي، قال في "القاموس": جنب من باب (منع)، وجنب من باب (فرح)، وجنب من باب (كرم)، فيجوز فتح النون وضمها، يقال: أجنب الرجل إذا أصابته الجنابة، ويقال: إن الماء لا يُجنب، وكذا الأرض والثوب؛ أي: لا يصير شيء منها جنبًا يحتاج إلى الغسل لملامسة الجنب لها.
واحتج بهذا الحديث على طهورية الماء المستعمل، وأُجيب عنه: بأنها اغترفت منه، ولم تنغمس؛ إذ يبعد الاغتسال داخل الجفنة عادة.
و(في) في قوله: (في جفنة) بمعنى (من)، كما مر آنفًا، فيستدل به على أن المحدث إذا غمس يده في الإناء؛ ليغترف منه من غير نية رفع الحدث عن يده .. لا يصير مستعملًا.
قلت: الغالب أنها رضي الله تعالى عنها غسلت يدها قبل إدخالها الجفنة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، ولا دليل على أنها أدخلت يدها قبل الغسل.
فإن قلت: كيف الجمع بين هذا الحديث وحديث حميد: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة)؟