بيان مقدم لقوله (شيء) وهو مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية حال من ضمير (علي).
(إلا شيء) و (إلا) استثناء، و (شيء) الثاني بدل من المستثنى منه؛ وهو (شيء) الأول؛ وتقدير الكلام: ما أحب كون أحد لي ذهبًا، فمرور ليلة ثالثة علي، والحال أن عندي منه؛ أي: من ذلك الذهب شيء قليل إلا شيء (أرصده) وأهيئه وأدخره وأصرفه (في قضاء دينٍ) كائنٍ علي.
وقوله:(أرصده) - بضم الهمزة - من الإرصاد؛ أي: شيء أبقيه وأهيئه لقضاء دين علي، و (في) بمعنى: اللام؛ أي: لأجل قضاء دين علي، أو على أحد من المسلمين؛ لأن قضاء الدين واجب، فهو مقدم على الصدقة المندوبة.
وهذا الإرصاد أعم من أن يكون لصاحب دينٍ غائبٍ حتى يحضر فيأخذ، أو لأجل وفاء دين مؤجل حتى يحل فيوفى.
وقال القاري: قوله: "قضاء دين" أي: لأداء دين كان علي؛ لأن أداء الدين مقدم على الصدقة، وكثير من جملة العوام وظلمة الطُّغَام يعملون الخيرات والمبرَّات والعمارات، وعليهم حقوق الخلق، ولم يلتفتوا إليها، وكثير من المتصوفة غير العارفة يجتهدون في الرياضات، وإكثار الطاعات والعبادات، ولا يقومون بما يجب عليهم من الديانات، كذا في "المرقاة" في (٤/ ٣٦٦).
والحديث فيه الحث على الإنفاق في وجوه الخير، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أعلى درجات الزهد في الدنيا، بحيث إنه لا يحب أن يبقى في يده شيء من الدنيا إلا للإنفاق على من يستحقه، وإما لإرصاده لمن له حق، وإما لتعذر من يقبل منه؛ لتقييده في رواية حديث بقوله: "أجدُ من يقبله"، ويؤخذ منه جواز تأخير الزكاة الواجبة عن الإعطاء إذا لم يوجد من يستحق أخذها، وينبغي لمن وقع له ذلك أن يعزل القدر الواجب