وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو سعيد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من عذراء) محبوسة (في خدرها) أي: في خدر أهلها وستارتهم؛ والعذراء: هي الجارية البكر؛ والخدر: ستر يجعل لها في جنب البيت.
(وكان) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كره شيئًا) لا يوافقه .. (رئي ذلك) أي: أَثَرُ كراهتِه لذلك الشيء (في وجهه) الشريف بتغير لونه من البياض إلى الحمرة؛ أي: ما كان يتكلَّمُ به؛ لحيائه، بل يتغير وجهه، فنعرف نحن معاشر الصحابة كراهيته لذلك الشيء من وجهه، وهذا إذا لم تَقْتَضِ حاجةُ التبليغ تكَلُّمَه، أما إذا اقتضت ذلك .. فكان ربما يتكلَّمُ بأسلوب حكيم.
قوله:(رئي ذلك في وجهه) - بالبناء للمفعول - أي: أنه لا يظهر كراهيته بالتكلم حياءً، بل يظهر آثار كراهيته في الوجه، فيعرف بها أنه كرهه. انتهى "س".
قوله:(أشد حياء) قال بعض العلماء: الحياء: هو انقباض النفس خشية ارتكاب ما يكره، أعم من أن يكون شرعيًا أو عقليًا أو عرفيًا، ومقابل الأول: فاسق، والثاني: مجنون، والثالث: أبله.
وقال بعضهم: إن كان الحياء في محرم .. فهو واجب، وإن كان في مكروه .. فهو مندوب، وإن كان في مباح .. فهو العرفي، وهو المراد بقوله:"الحياء لا يأتي إلا بخير".
ويجمع كل ذلك: أن المباح إنما هو ما يقع على وفق الشرع إثباتًا ونفيًا.