للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ .. دَعَاهُ اللهُ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ".

===

لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال العجلي: تابعي ثقة.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كظم) أي: من أخفى (غيظًا) أي: غضبًا وأخفاه عن غيره، وحبس نفسه عن إجراء مقتضاه؛ وهو الانتقام من المغضب له (وهو) أي: والحال أنه (قادر على أن ينفذه) من الإنفاذ؛ أي: قادر على أن يمضي مقتضاه ويتمه ويأتي به، قال في "النهاية": كظم الغيظ: اجترع غضبًا كامنًا فيه، (ينفذه) من التنفيذ أو الإنفاذ؛ أي: يمضيه.

وذكر جواب من الشرطية بقوله: (دعاه الله) عز وجل وناداه (على رؤوس الخلائق) ومجمع أعيانهم (يوم القيامة) أي: شهره بين الناس وأثنى عليه وتباهى به، ويقال في حقه: هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة العظيمة (حتى يخيره) أي: يجعله مخيرًا (في أي الحور) العين (شاء) أي: في أخذ أيهن شاء، وهو كناية عن إدخاله الجنة المنيعة، وإيصاله إلى درجته الرفيعة. انتهى من "العون".

قال الطيبي في "شرح المشكاة": وإنما حمد الكظم؛ لأنه قهر للنفس الأمارة بالسوء، ولذلك مدح الله عز وجل الكاظمين الغيظ بقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} (١)، ومن نهى النفس عن هواه .. فإن الجنة مأواه، والحور العين جزاه. انتهى منه.

قال القاري: وهذا الثناء الجميل والجزاء الجزيل إذا ترتب على مجرد كظم الغيظ، فكيف إذا انضم إليه العفو، أو زاد بالإحسان عليه؟ ! انتهى.


(١) سورة آل عمران: (١٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>