في خبر ليس، وعمله مرفوع بالوصف (قالوا) الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم: (ولا أنت) بمنجيك عملك (يا رسول الله؟ قال) في جواب سؤالهم: (ولا أنا) بمنج لي عملي من العذاب (إلا أن يتغمدني) أي: إلا أن يدخلني (الله) ويَغمسني ويَعُمَّني (برحمة) صادرة لي (منه) تعالى (وفضل) مزيد لي منه تعالى؛ ومقتضى هذا الاستثناء: أن العمل بلا رحمة منه تعالى لا ينجي، ومع الرحمة ينجي. انتهى "سندي".
قال الرافعي في "أماليه": لما كان أجر النبي صلى الله عليه وسلم في الطاعة أعظم، وعمله في العبادة أقوم .. قيل له: ولا أنت ينجيك عملك مع عظم قدرك؟ فقال:(لا) إلا برحمة من الله تعالى.
قال: وفيه أن العامل لا ينبغي له أن يتكل على عمله في طلب النجاة ونيل الدرجات؛ لأنه عمل بتوفيق الله، وإنما ترك المعصية بعصمة الله تعالى، فكل ذلك بفضله ورحمته.
قال النووي: اعلم: أن مذهب أهل السنة أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب، ولا إيجاب ولا تحريم، ولا غيرها من أنواع التكليف، ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها إلا بالشرع.
ومذهب أهل السنة أيضًا: أن الله تعالى لا يجب عليه شيء تعالى الله عن ذلك، بل العالم كله والدنيا والآخرة في سلطانه، يفعل فيهما ما يشاء؛ فلو عذب المطيعين والصالحين وأدخلهم النار أجمعين .. كان عدلًا منه، وإذا أكرمهم ونعمهم وأدخلهم الجنة .. فهو فضل منه، ولو نعم الكافرين وأدخلهم الجنة .. كان له ذلك، ولكنه أخبر - وخبره صدق - أنه لا يفعل هذا، بل يغفر