الناس خيرًا بدون أن يطلب منهم ذلك .. فإنه علامة القبول من الله تعالى، وإن مثل هذا المدح لا يبعثه على الإعجاب بنفسه، وإنما يحمله على شكر الله تعالى حيث ألقى محبته في قلوب الناس وستر عيوبه عن أعينهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال القرطبي: قوله: (الرجل يعمل العمل الصالح ... ) إلى آخره؛ يعني: الرجل الذي يعمل الصالح خالصًا ولا يريد إظهاره للناس؛ لأنه لو عمله ليحمده الناس أو يروه .. لكان مرائيًا، ويكون العمل باطلًا فاسدًا، وإنما لله تعالى بلطفه ورحمته وكرمه يعامل المخلصين في الأعمال، الصادقين في الأقوال والأحوال، بأنواع من اللطف، فيقذف في القلوب محبتهم، ويطلق الألسنة بالثناء عليهم؛ ليُنَوِّهَ بذكرهم في الملأ الأعلى؛ ليستغفروا لهم، وينشر طيب ذكرهم في الدنيا؛ ليقتدى بهم، فيعظم أجرهم وترتفع منازلهم، وليجعل ذلك علامة على استقامة أحوالهم، وبشرى بحسن مآلهم وكثير ثوابهم، ولذلك قال:"تلك عاجل بشرى المؤمن"، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب إذا أثني على الصالح فهي بشرى فلا تضره، وابن حبان في "صحيحه".
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي زهير، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف خامسًا لحديث أبي زهير بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال: