والرسم الأول منها؛ هو المعتمد؛ فالإشارة بقوله:(هذا الإنسان) إلى النقطة الداخلة.
قوله:"الأعراض": جمع عرض - بفتحتين - وهو ما ينتفع به في الدنيا في الخير وفي الشر؛ والعرض - بالسكون - ضد الطول، ويطلق على ما يقابل النقدين؛ والمراد هنا: الأول.
قال السندي: أي: الأمور التي تعرضه من الأمراض والأحوال المتغيرة والآفات.
(تنهشه أو تنهسه) الأول بالشين المعجمة، والثاني بالمهملة؛ ومعناهما قريب، بل واحد؛ وهو الأخذ بالأسنان.
والمقصود من الحديث: التعجب من حال الإنسان، وأنه لا يفوت الأجل؛ لكونه محيطًا به من الجوانب كلها، وأنه معروض للأعراض قبل ذلك، ومع ذلك يأمل أملًا قد جاوز أجله. انتهى "س".
قال الحافظ في "الفتح"(١١/ ٢٣٨) - والمراد بالأعراض: الآفات العارضة له؛ فإن سلم من هذا .. لم يسلم من هذا، وإن سلم من الجميع ولم تصبه آفة من مرض أو فقد مال أو غير ذلك .. بَغَتَهُ الأجلُ.
والحاصل: أن من لم يمت بسببٍ .. مات بالأجل.
وفي الحديث: إشارة إلى الحض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل، وعبر بالنهش؛ وهو لدغ ذوات السموم؛ مبالغة في الإصابة والإهلاك.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الرقاق، باب الأمل وطوله، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب منه حدثنا محمد بن بشار، والنسائي في "الكبرى"، والدارمي في "سننه".