قال القرطبي: والمعنى: أي: يثبتهم في هذه الدار على التوحيد والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى يميتهم عليها، وفي الآخرة عند المساءلة في القبر؛ كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله .. فهو المقصود، وإن كان من قول البراء .. فهذا لا يقوله أحد من قبل نفسه ورأيه، فهو محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، وسكت البراء عن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعلم المخاطب بذلك، والله تعالى أعلم.
وقد قيل عن البراء أنه قال: هما سؤال القبر وسؤال القيامة؛ يعني: يرشد الله المؤمن فيهما إلى الصواب، ويصرف الكافر عن الجواب. انتهى من "المفهم".
قال العيني في "عمدة القاري"(٤/ ٢٢٢٨): فإن قلت: المساءلة هل هي عامة لجميع الأمم أم خاصة بأمته صلى الله عليه وسلم؟
فذهب الحكيم الترمذي إلى أنها تختص بهذه الأمة، وقال: كانت الأمم قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل، فإن أطاعوا .. فذاك، وإن أبوا .. اعتزلوهم وعوجلوا بالعذاب، فلما أرسل الله محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين .. أمسك عنهم العذاب، وقبل الإسلام ممن أظهره، سواء أسر الكفر أم لا، فلما ماتوا .. قيض الله لهم فتان القبر؛ ليستخرج سرهم بالسؤال، وليميز الله الخبيث من الطيب، ويثبت الذين آمنوا ويضل الظالمين.
ثم قال العيني: ويؤيده حديث زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه مرفوعًا "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ... " الحديث أخرجه مسلم.
ويؤيده: قول الملكين: (ما تقول في هذا الرجل محمد؟ ) وحديث عائشة أيضًا عند أحمد بلفظ: (وأما فتنة القبر .. ففيَّ يفتنون، وعنِّي يسألون).
وذهب ابن القيم إلى عموم المساءلة، وقال: ليس في الأحاديث نفي