والمؤمن المخلِّط؛ لأنه يدخل الجنة، فيرى مقعده في الجنة، فيقال: هذا مقعدك وستصير إليه بعد مجازاتك بالعقوبة على ما تستحق.
ولفظ رواية "مسلم مع شرحه": (فإذا مات أحدكم .. عرض) بالبناء للمفعول؛ أي: عرض ذلك الأحد (على مقعده) الأخروي (بالغداة) أي: في الصباح (و) في (العشي) أي: وفي المساء، ثم فصل ذلك بقوله:(إن كان) ذلك الأحد (من أهل الجنة .. فـ) يعرض عليه (من) مقاعد (أهل الجنة، وإن كان) ذلك الأحد (من أهل النار .. فـ) يعرض عليه (من) مقاعد (أهل النار) ثم (يقال) له: (هذا) المقعد الذي كنت فيه الآن؛ يعني: قبره (مقعدك) ومقرك ومنزلك (حتى تبعث) وتنقل (يوم القيامة) إلى مقعدك الأخروي الذي عرضناه عليك؛ أي: هذا القبر مقعدك إلى يوم البعث الذي تنقل فيه إلى ذلك المقعد الأخروي الذي خلق الله لك.
قال القرطبي: قوله: "إذا مات أحدكم .. عرض عليه مقعده ... " إلى آخره .. هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن غير الشهداء؛ فإنه قد تقدم أن أرواحهم في حواصل طير تسرح في الجنة وتأكل من ثمارها، وغير الشهداء إما مؤمن، وإما غير مؤمن؛ فغير المؤمن هو الكافر، فهذا يرى مقعده من النار غدوًا وعشيًّا، وهذا هو المَعْنِيُّ بقوله تعالى:{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}(١).
فأما المؤمن .. فإما ألا يدخل النار، أو يدخلها بذنوبه؛ فالأول: يرى مقعده من الجنة لا يرى غيره رؤية خوف.
وأما المؤاخذ بذنوبه .. فله مقعدان؛ مقعد في النار زمن تعذيبه، ومقعد في