وفيهما أيضًا من حديث: أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده ... الحديث.
وقد أطال القرطبي في بيان ذلك في "تفسيره" وفي "تذكرته" وحاصله: أن هذه الأحاديث نص في أن الأرض والسماوات تبدل وتزال، ويخلق الله تعالى أرضًا أخرى يكون عليها الناس بعد كونهم على الجسر؛ وهو الصراط، لا كما قال كثير من الناس: إن تبديل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها وتسوية آكامها ونسف جبالها ومد أرضها.
ثم قال: وذكر شبيب بن إبراهيم في كتاب "الإفصاح" أنه لا تعارض بين هذه الآثار، وأنهما مبدلتان؛ إحداهما هذه الأولى قبل نفخة الصعق، والثانية إذا وقفوا في المحشر؛ وهي أرض عفراء من فضة لم - يسفك عليها دمٌ حرامٌ، ولا جرى عليها ظلم، ويقوم الناس على الصراط على متن جهنم، ثم ذكر في موضع آخر من "التذكرة" ما يقتضي أن الخلائق وقت تبديل الأرض تكون في أيدي الملائكة رافعين لهم عنها.
قال في "الجمل": فتحصل من مجموعة كلامه أن تبديل هذه الأرض بأرض أخرى من فضة يكون قبل الصراط، وتكون الخلائق إذ ذاك مرفوعة في أيدي الملائكة، وأن تبديل الأرض بأرض أخرى من خبز يكون بعد الصراط، وتكون الخلائق إذ ذاك على الصراط، وهذه الأرض خاصة بالمؤمنين بعد دخولهم الجنة. انتهى ما في "فتح البيان".
قالت: عائشة: (فأين يكون الناس يومئذ؟ قال: على الصراط) وعند مسلم من حديث ثوبان مرفوعًا: (يكونون في الظلمة دون الجسر).
وجمع بينهما البيهقي: بأن المراد بالجسر: الصراط، وأن في قوله: "على