(قال) ابن أبي أوفى: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا) في كل عضو من أعضاء الوضوء (ومسح رأسه مرة) واحدة.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه: ولكن رواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده"، فقال: حدثنا القواريري، حدثنا يزيد بن هارون، عن فايد بن عبد الرحمن ... فذكره، وسياقه أتم، كما أوردته في "زوائد المسانيد العشرة"، ورواه النسائي أيضًا في "السنن الصغرى" من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لأن له شواهد من حديث عائشة، وأبي هريرة، وابن عمر، وعلي، وعثمان، رضي الله عنهم، إلا في مسح الرأس مرة واحدة، وإن كان سنده ضعيفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث علي وعثمان.
فالحديث: ضعيف السند، صحيح المتن.
وأما مسح الرأس .. فمن أقوى الأدلة على عدم تعدد مسح الرأس .. الحديث المشهور الذي صححه ابن خزيمة وغيره من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص في صفة الوضوء حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من الوضوء:"من زاد على هذا .. فقد أساء وظلم" فإن في رواية سعيد بن منصور فيه التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة، فدل على أن الزيادة في مسح الرأس على المرة غير مستحبة؛ إذ لو استحب .. لم يقل:"من زاد على هذا .. فقد أساء وظلم" مع كونه مسح مرة واحدة، ويُحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح - إن صحت - على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعًا بين هذه الأدلة. ذكره الحافظ في "فتح الباري"(١/ ٢٩٨).