وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لكون رجاله ثقات، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال السندي: قوله: (رأيت عليًّا ... ) إلى آخره، فيه رد بليغ على الشيعة القائلين بالمسح على الرجلين من حيث إن الغسل كان من رواية على، ولذلك ذكره المؤلف من رواية علي، وبدأ به الباب، وإلا .. فقد قال المحققون؛ منهم النووي: إن جميع من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة وعلى صفات متعددة متفقون على غسل الرجلين، ولقد أحسن المؤلف وأجاد في تخريج حديث علي في هذا الباب، جزاه الله خيرًا.
وظاهر القرآن يقتضي المسح، كما جاء عن ابن عباس، فيجب حمله على الغسل ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين لأمر الله والمفسّر للقرآن، وهو الذي فوّض الله إليه بيان القرآن، فلا يؤخذ البيان إلا منه صلى الله عليه وسلم، فيقال: قراءة النصب للأرجل ظاهرة في الإغسال، وقراءة جرها مبنية على الجوار، والجوار وإن كان قليلًا في كلامهم .. يجب الأخذ به هنا؛ للتوفيق بين القرآن وبين ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من البيان، وفائدة الجوار إيهام العطف على الممسوح؛ للتنبيه على كونه غسلًا خفيفًا قريبًا من المسح، فإن الأرجل من بين المغسولات مظنة إفراط الصب عليها، كذا ذكره صاحب "الكشاف".
ولذلك فصل بينها وبين المغسولات المذكورة أولًا، وأيضًا في الفصل تنبيه على وجوب الترتيب في أفعال الوضوء، وقد ذكر العلماء وجوهًا أُخر في فوائد الفصل، وقد بسطتها في تفسيري "حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن"، فراجعه إن شئت بسط الكلام في هذا المقام.