وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(قالت) بسرة: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا مس أحدكم) أيها الرجال ولمس (ذكره) بباطن كفه، وكذا المرأة إذا لمست بيدها فرجها وهو متوضئ .. (فليتوضأ) وجوبًا إذا أراد أن يفعل نحو الصلاة من كل ما يحتاج إلى وضوء؛ لأن وضوءه الأول انتقض بمس الذكر؛ لكونه مظنة الشهوة.
قال السندي: قوله: "إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ" أي: للصلاة ولكل ما يجب له الوضوء كالطواف؛ يريد أن الوضوء السابق قد انتقض إن كان الماس متوضئًا، ولم يرد أنه يجب عليه وضوء جديد من ساعته؛ فإنه إنما يجب عليه عند القيام إلى الصلاة ونحوه، والله أعلم. انتهى.
وفي الحديث دليل على أن مس الذكر ينقض الوضوء، والمراد: مسه بلا حائل؛ لما أخرج ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي هريرة: "إذا أفضى أحدكم يده إلى فرجه ليس دونها حجاب ولا ستر .. فقد وجب عليه الوضوء"، وصححه الحاكم وابن عبد البر، وقال ابن السكن: هو أجود ما رُوي في هذا الباب، قال أبو عيسى: حديث بسرة هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وكل ما طعنوا به في صحة حديث بسرة هذا .. فهو مدفوع، والحق: أنه صحيح، وأخرجه الخمسة، كذا في "المنتقى"، وقال في "النيل": وأخرجه أيضًا مالك والشافعي وابن خزيمة وابن الجارود، وقال أبو داوود: قلت لأحمد: حديث بسرة ليس بصحيح؟ قال: بل هو صحيح، وقال الدارقطني: صحيح ثابت، وصححه أيضًا يحيى بن معين فيما حكاه ابن عبد البر وأبو حامد بن الشرقي والبيهقي والحازمي. قاله الحافظ. انتهى من "تحفة الأحوذي".