النووي، ومعنى قوله:"لا ينجس" أي: بالحدث سواء كان أصغر أو أكبر، ويدل عليه المقام؛ إذ المقام مقام الحدث، فلا يرد أنه يتنجس بالنجاسة، وقد يقال: إن المراد نفسه لا يصير نجسًا؛ لأنه إن صحبه شيء من النجاسة .. فنجاسته بسبب صحبته بذلك، لا أن ذاته صار نجسًا، فإذا زال ما كان معه من النجاسة .. فالمؤمن على حاله من الطهارة، فصدق أن المؤمن لا ينجس أصلًا.
والحاصل: أن مقتضى ما فعله أبو هريرة أن المؤمن يصير نجسًا بحيث يحترز عن صحبته ومصافحته حالة الجنابة، فرده صلى الله عليه وسلم بأن المؤمن لا يصير كذلك أصلًا، وذلك لا ينافي أن المؤمن قد يحترز عنه بالنظر إلى ما يصحبه من بعض الأنجاس؛ لأنه أمر معلوم من خارج. قاله الفاضل السندي في "حواشي الترمذي".
قال الحافظ: والحديث فيه جواز تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه، وبوّب عليه ابن حبان: الرد على من زعم أن الجنب إذا وقع في البئر، فنوى الاغتسال .. أن ماء البئر ينجس، واستدل به البخاري على طهارة عرق الجنب؛ لأن بدنه لا ينجس بالجنابة، فكذلك ما تحلب منه. انتهى، انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي، وفي لفظ البخاري والترمذي:(فانسللت)، وفي لفظ للبخاري:(فانخنست)، وفي لفظ مسلم والنسائي وابن ماجه:(فانسل). انتهى من "المنذري".
فدرجة هذا الحديث: أنه في أعلى الدرجات؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.