للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَنَا جُنُبٌ، فَحِدْتُ عَنْهُ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ فَقَالَ: "مَا لَكَ"، قُلْتُ: كُنْتُ جُنُبًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ".

===

أي: رآني (وأنا جنب) أي: استقبلني والحال أني جنب، (فحدت عنه) أي: ملت عن قبالته، من حاد يحيد إذا مال عن جادة الطريق ووسطه، (فاغتسلت) من جنابتي، (ثم جئتـ) ـه، (فقال) لي: (ما لك) يا حذيفة، أين تغيبت؟ (قلت) له: (كنت جنبًا) فتغيبت للاغتسال، (قال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المسلم) وكذا المسلمة (لا ينجس)، ففي الحديث دليل على أن عرق الجنب طاهر؛ لأن المسلم لا ينجس، وإذا كان لا ينجس .. فعرقه لا ينجس.

وهذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حيًا وميتًا، فأما الحي .. فطاهر بإجماع المسلمين حتى الجنين، وكذلك الصبيان أبدانهم وثيابهم محمولة على الطهارة حتى تتيقن النجاسة، فيجوز الصلاة في ثيابهم، والأكل معهم من المائع إذا غمسوا أيديهم فيه، ودلائل هذا كله من السنة والإجماع مشهورة، وأما الميت .. ففيه خلاف للعلماء، وذكر البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس تعليقًا: "المسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا". انتهى.

وتمسك بمفهوم الحديث بعض أهل الظاهر، فقال: إن الكافر نجس العين، وقواه بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (١) وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد: أن المؤمن طاهر الأعضاء؛ لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك؛ لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد: أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار، وحجتهم أن الله تعالى أباح نكاح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يأمن منه من يضاجعهن ومع ذلك، فلم يجب عليه من غسل الكتابية


(١) سورة التوبة: (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>