أي: هذا كتاب معقود في بيان الأحاديث الواردة في الصلاة، وقد تقدم لك في أول (كتاب الطهارة) أن الكتاب اسم لجنس من العلم، تحته أنواع، والباب نوع منه داخل تحته، فكتاب الصلاة هنا جنس يشمل جميع الأبواب المذكورة إلى كتاب الزكاة.
والأصل في وجوب الصلاة قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}(١) أي: ائتوا بها مقوّمة معدّلة بحيث تكون مستوفية للشروط والأركان، وخبر:"فرض الله عليّ وعلى أمتي خمسين صلاة، فلم أزل أراجعه وأسأله التخفيف حتى جعلها خمسًا"، فكان في وقت الصبح عشر صلوات، وفي وقت الظهر كذلك، وهكذا، فنُسخت بمراجعته صلى الله عليه وسلم حتى صارت خمسًا، وكانت مرات المراجعة تسعًا، وفي كل مرة يحط سبحانه وتعالى خمسًا، وفُرضت الصلاة ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة، وقيل: بستة أشهر، وإنما لم يجب صبح يومها لاحتمال أن يكون صرّح له بأن أول واجب صلاةُ الظهر، ويؤيده أن جبريل عليه السلام لما نزل ليُعلّمه الكيفية .. بدأ بها، فهي أول صلاة ظهرت في الإسلام.
وفيه إشارة إلى أن دينه يظهر على سائر الأديان كظهورها على سائر الصلوات، وكانت عبادته صلى الله عليه وسلم قبل ذلك في غار حراء بالتفكر في مصنوعات الله تعالى وإكرام من يمر عليه من الضيفان، فكان يتعبد فيه الليالي ذوات العدد، واختار التعبد فيه دون غيره؛ لأنه تجاه الكعبة وهو يحب