مسجدًا) ولو صغيرًا (يُذكر فيه اسم الله) تعالى على صيغة المبني للمفعول، والجملة صفة لمسجدًا، ولكنها في حكم التعليل، كأنه قيل: بنى ليُذكر اسم الله تعالى فيه، فهذا في معنى ما ورد:(يبتغي وجه الله) .. (بنى الله) تعالى (له بيتًا في الجَنَّة) مجازاة على عمله الصالح، وفيه مجازاة له بجنس عمله.
وقوله:(بيتًا) التنكير فيه للتعظيم؛ أي: بيتًا عظيمًا، وإسناد البناء إلى الله تعالى مجاز عقلي من إسناد ما للمأمور إلى الآمر؛ أي: أمر الملائكة ببنائه، أو البناء مجاز عن الخلق والإسناد حينئذ حقيقة، قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على المسجد الذي بناه .. كان بعيدًا عن الإخلاص. انتهى سندي.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق عثمان بن عبد الله بن سراقة به، ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق عبد الله بن عبد الحكم.
وشعيب بن الليث بن سعد أبو عبد الملك روى عن أبيه وغيره، وروى عنه ابنه عبد الملك وابن عبد الحكم، وكلاهما؛ أي: كلّ من الليث وغيره رويا عن ابن الهاد به، ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" عن الحاكم به، ورواه ابن أبي عمر في "مسنده" عن عبد العزيز عن يزيد بن الهاد به، فالحديث في "الصحيحين" من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وإن كان في إسناده إرسال؛ لأن له شواهد، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة، فهو صحيح بما بعده.