للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ بَنَى لِلّهِ مَسْجِدًا .. بَنَى اللهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ".

===

(قال) عثمان ردًا على الناس حين أراد توسعة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهدمه، وأرادوا تركه على هيئته الأول، فقال معتذرًا إليهم: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى) مخلصًا (لله) تعالى لا رياء ولا محمدة ولا سمعة (مسجدًا) صغيرًا أو كبيرًا .. (بنى الله) سبحانه وتعالى الله) أي: لذلك الباني بناء (مثله في الجَنَّة) أي: بيتًا يماثل ذلك المسجد في الشرف والفضل والتوقير؛ لأنه جزاء المسجد، فيكون مثلًا له في صفات الشرف، ولا يلزم أن يكون جهة الشرف متحدة. انتهى من "المبارق".

قال القرطبي: هذه المثلية ليست على ظاهرها، ولا من كلّ الوجوه، وإنما يعني: أنه بنى له بثوابه بناء أشرف وأعظم وأرفع؛ لأنه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكذلك في الرواية الأخرى: (بنى الله له بيتًا في الجَنَّة)، ولم يسمه مسجدًا، وهذا البيت هو - والله أعلم - مثل بيت خديجة الذي قال فيه: "إنه من قصب لا صخب فيه ولا نصب"، رواه البخاري، يريد من قصب الزمرد والياقوت، ويعتفحد هذا بأن أجور الأعمال مضاعفة، وأن الحسنة بعشر أمثالها، وهذا كما قال في المتصدق بالتمرة أنَّها تُربّى حتى تصير مثل الجبل، رواه أحمد والبخاري، ولكن هذا التضعيف هو بحسب ما يقترن بالفعل من الإخلاص والإتقان والإحسان، ولما فهم عثمان هذا المعنى .. تأنق في بناء المسجد وحسنه وأتقنه وأخلص له فيه؛ رجاء أن يُبنى له قصر متقن مشرف مرفع، وقد فعل الله تعالى له ذلك وزيادة رضي الله عنه. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة (٦٥)،

<<  <  ج: ص:  >  >>