(قال) عبد الله بن عمرو: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع) وهو تمليك بعوض مالي بصيغة البيع (و) عن (الابتياع) أي: عن الشراء، وهو تملك بعوض مالي بصيغة الشراء، (وعن تناشد الأشعار) جمع شعر وهو ضد النثر؛ وهو أن يُنشد كلّ واحد صاحبه شعرًا لنفسه أو غيره؛ افتخارًا أو مباهاة أو مزاحًا، وبالجملة: فما كان منه لغرض صحيح ومنه شعر حسان .. فجائز، وما لا .. فغير جائز؛ كهجو من لا يجوز هجوه؛ أي: نهى عن فعلها (في المساجد) لأنهما غير لائق بها؛ لأنَّها إنما بُنيت للصلاة والأذكار والتلاوة والاعتكاف والعبادة، لا للتلاعب وأشغال الدنيا، والنهي فيهما يحتمل الكراهة إن خف؛ كالبيع، أو التحريم؛ كالتشاعر فيها.
قوله:(وعن البيع والابتياع) والابتياع هو افتعال بمعنى الشراء، كما مر، قال الشوكاني في "النيل": ذهب جمهور العلماء إلى أن النهي محمول على الكراهية، قال العراقي: وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه، وهكذا قال الماوردي، وأنت خبير بأن حمل النهي على الكراهة يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بأن النهي حقيقة في التحريم وهو الحق، وإجماعهم على عدم جواز النقض وصحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم، فلا يصح جعله قرينة لحمل النهي على الكراهة، وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه لا يكره البيع والشراء في المسجد، والأحاديث ترد عليه. انتهى، انتهى من "التحفة".
قوله:(وعن تناشد الأشعار) قال في "القاموس": أنشد: قرأ، وبهم: هجاهم، وتناشدوا: أنشد بعضهم بعضًا، والنشدة - بالكسر -: الصوت، والنشيد: رفع الصوت، والشعر المتناشد كالأنشودة. انتهى.