فكلمة (لا) في قوله: "لا وجدته" لنفي الماضي، ودخولها على الماضي بلا تكرار في الدعاء جائز، وفي غير الدعاء الغالب هو التكرار؛ كقوله تعالى:{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى}(١)، ويحتمل كون (لا) ناهية؛ أي: لا تنشد الضالة في المسجد، وقوله:"وجدته" دعاء له؛ لإظهار أن يكون النهي عنه نُصح له؛ إذ الداعي بخير لا ينهى إلا نصحًا. انتهى "سندي".
قال القرطبي: قوله: "إنما بُنيت المساجد لما بُنيت له" يدل على أن الأصل ألا يعمل في المسجد غير الصلوات والأذكار وقراءة القرآن، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إذا رأيتم من يبيع في المسجد ويبتاع .. فقولوا: لا أربح الله تجارتك" رواه الترمذي من حديث أبي هريرة (٥٦٩)، وقد كره بعض أصحابنا تعليم الصبيان في المساجد، ورأى أنه من باب البيع، وهذا إذا كان بأجرة، فلو كان بغير أجرة .. لمنع أيضًا من وجه آخر؛ وهو أن الصبيان لا يتحرزون من القذر والوسخ، فيؤدي ذلك إلى عدم تنظيف المساجد، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنظيفها وتطييبها، وقال:"جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وسلّ سيوفكم، وإقامة حدودكم" رواه ابن ماجه من حديث واثلة، وفي "الزوائد": إسناده ضعيف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد، والنسائي في كتاب المساجد، باب النهي عن إنشاد الضالة، وعبد الرزاق، وأحمد، وابن أبي شيبة، والبيهقي.