همّ بإتيانهم بعد إقامة الصلاة؛ لأن بذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم، فيتوجه اللوم عليهم، وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر. انتهى "نووي".
وفيه دليل على أن العقوبة في أول الأمر بالمال؛ لأن تحريق البيوت عقوبة مالية، وقد أجمع العلماء على منع العقوبة بالتحريق في غير المتخلف عن الجماعة، والغال من الغنيمة، واختلف السلف فيهما، والجمهور على منع تحريق متاعهما، ثم إنه جاء في رواية أن هذه الصلاة التي همّ بتحريقهم للتخلف عنها هي العشاء، وفي رواية أنها الجمعة، وفي رواية يتخلفون عن الصلاة مطلقًا، وكله صحيح ولا منافاة بين ذلك.
واعلم: أن ثقل صلاة العشاء والفجر على المنافقين للمشقة اللاحقة من المحافظة عليهما؛ لأنهما في وقت نوم وركون إلى الراحة، ولمشقة الخروج إليهما في الظلمة إلى غير ذلك، فلا يتجشم هذه المشاق إلا من تيقن ثواب الله ورجاه وخاف عذاب الله واتقاه، وذلك هو المؤمن، وأما المنافق .. فكما قال الله تعالى فيهم:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا}(١) انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة، رقم (٦٤٤)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، رقم (٢٥١)، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، رقم (٨٤٨)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب (٤٨) ما جاء فيمن يسمع