للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ".

===

قول النحاة على قلة استعمالها، وقيل: قولهم مردود، والحديث حجة عليهم، قال السيوطي في "حاشية النسائي": والظاهر أن استعمالها ها هنا من الرواة المولدين الذين لا يحسنون العربية.

قلت: لا يخفى على من تتبع أن كتب العربية مبنية على الاستقراء الناقص دون التام عادة، وهي مع ذلك أكثريات لا كليات، فلا يناسب تغليط الرواة.

(أو ليختمن الله) سبحانه وتعالى؛ أي: ليغطين الله (على قلوبهم) حتى لا تعرف معروفًا، ولا تنكر منكرًا، ولا تعي خيرًا؛ لأن من خالف أمرًا من أوامر الله تعالى .. يظهر في قلبه نكتة سوداء، فإذا تكررت المخالفة .. تكررت النكتات، فيسود قلبه ويغلب عليه الغفلة والبعد من الله تعالى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (ثم ليكونن من الغافلين) أي: يكونن معدودين من جملتهم.

قال السنوسي: والمعنى: إن أحد الأمرين كائن لا محالة، إما الانتهاء عن ترك الجماعات، أو ختم الله تعالى على قلوبهم، وذلك يؤدي بهم إلى أن يكونوا من الغافلين؛ فإن اعتياد ترك الجماعات يغلب الرين على القلب ويزهد النفس في العبادات، وأُدخلت (ثم) في قوله: "ثم ليكونن من الغافلين" للتراخي في الرتبة؛ فإن كونهم من جملة الغافلين المشهود فيهم بالغفلة .. أدعى لشقائهم وأنطق لخسرانهم من مطلق كونهم مختومًا عليهم. انتهى.

والختم: هو الطبع والتغطية، وأصله من ختمت الكتاب إذا طبعته بطابعه؛ وهو في الحقيقة عبارة عما يخلقه الله في قلوبهم من الجهل والجفاء والقسوة، وهذا مذهب أهل السنة، والمراد به هنا: إعدام اللطف وأسباب الخير في حقه. انتهى "كوكب".

<<  <  ج: ص:  >  >>