أخرى، والمراد: جنس المسجد أي مسجد كان، فيصدق بملازمة المسجد الواحد، كما لأهل الحرمين .. (فاشهدوا له بالإيمان) أي: بأنه مؤمن؛ لأن المنافق لا يلازم المساجد عادة، قال الطيبي: أي: فاقطعوا القول بالإيمان؛ فإن الشهادة قول صدر عن صاحبه في الإخبار عن مواطأة القلب اللسان على سبيل القطع. انتهى.
قلت: وهو الموافق للاستشهاد بالآية؛ يعني: قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ}(١)، لكن يشكل عليه حديث سعد، قال في رجل: إنه مؤمن، فقال له صلى الله عليه وسلم:"أو مسلم"، رواه في "الصحيحين" فإنه يدل على المنع عن الجزم بالإيمان، إلا أن يقال: ذلك الرجل لم يكن ملتزمًا للمساجد، أو يراد بالإيمان ها هنا: الإسلام، وفيه أن الجزم بالإسلام لا يحتاج إلى ملازمة المساجد، والأقرب أن المراد بالشهادة: الاعتقاد وغلبة الظن، لا الجزم بإيمانه. انتهى "سندي"، ويدل على ذلك ما (قال) ـه (الله تعالى) وذكره في كتابه العزيز في سورة التوبة: ({إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ ... }) أتم (الآية).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، الحديث (٢٦١٧)، أخرجه أيضًا في كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، الحديث (٣٠٩٣). انتهى "تحفة الأشراف"، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"(٢/ ٣٧٩)، رقم (٢٥٠٢) وقال: إسناده صحيح، وأحمد في "المسند"(٣/ ٩٨)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(١/ ٢١٢ - ٢١٣) في كتاب الصلاة، وقال: هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا