وقوله في رواية مسلم:"أفتان أنت؟ ! " أي: منفر عن الدين وصاد عنه، واستنبط من هذا الحديث صحة اقتداء المفترض بالمتنفل؛ لأن معاذًا كان فرضه الأول، والثانية نفل له لزيادة وقعت في الحديث عند الشافعي وعبد الرزاق والدارقطني:(هي له تطوع، ولهم فريضة)، وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وصرح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بجماعة، فانتفت تهمة تدليسه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، خلافًا للحنفية والمالكية، واستنبط منه أيضًا تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين، والله أعلم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري (٧٠١)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، رقم (١٧٨) مطولًا، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:"يا معاذ؛ أفتان أنت؟ ! اقرأ بكذا واقرأ بكذا"، وأبو داوود، رقم (٧٩٠)، والنسائي (٢/ ٩٧ - ٩٨).
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للمتابعة، والثالث للاستشهاد.