للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَغَمَزَ ذِرَاعِي وَقَالَ: يَا فَارِسِيُّ؛ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ.

===

(فغمز) أبو هريرة، أي: قرص وطعن أبو هريرة (ذراعي) أي: ساعدي (وقال) لي: (يا فارسي) سماه فارسيًا، لأن أصل أبي السائب من الفرس؛ (اقرأ بها) أي: بالفاتحة (في نفسك) أي: سرًّا لا جهرًا، لئلا تخالج الإمام ولا تشوشه، والمعنى: اقرأها سرًّا لا جهرًا ولا تتركها، لأن قراءتها واجبة على كل مصلٍ إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا.

وفي "المفهم": قوله: (اقرأ بها في نفسك) اختلف العلماء في قراءة المأموم خلف الإمام: فذهب جماعة من الصحابة والتابعين إلى أن المأموم لا يترك قراءة أم القرآن على كل حال، وإليه ذهب الشافعي تمسكًا بقول أبي هريرة وبعموم قوله: "لا صلاة"، وذهب مالك وابن المسيب في جماعة من التابعين وغيرهم وفقهاء أهل الحجاز والشام إلى أنه لا يقرأ معه فيما جهر به وإن لم يسمعه، ويقرأ معه فيما أسر فيه الإمام؛ تمسكًا بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (١)، وبقول أبي هريرة، فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ الإمام .. فأنصتوا".

وذهب أكثر هؤلاء إلى أن القراءة فيما يسر فيه الإمام غير واجبة إلا داوود وأحمد بن حنبل وأصحاب الحديث؛ فإنهم أوجبوا قراءة الفاتحة إذا أسر الإمام، وذهب الكوفيون إلى ترك المأموم القراءة خلف الإمام على كل حال. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الصلاة، باب في وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، رقم (٣٩)، وأبو داوود في كتاب الصلاة،


(١) سورة الأعراف: (٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>