(قال) هلب: (أمنا) أي: صلى إمامًا لنا (النبي صلى الله عليه وسلم) في أوقات كثيرة، (فكان) دائمًا إذا فرغ من الصلاة (ينصرف) ويمشي (عن) كلّ من (جانبيه جميعًا) أحيانًا عن جهة يمينه وأحيانًا عن جهة يساره، فلا يخص جهة واحدة في انصرافه من الصلاة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الصلاة، باب كيف الانصراف من الصلاة، الحديث رقم (١٠٤١)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الانصراف عن يمينه وعن شماله، رقم (٣٠٠)، قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأنس وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة، قال أبو عيسى: حديث هلب حديث حسن وصححه ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وذكره عبد الباقي بن منعم في "معجمه" من طرق متعددة، وفي إسناده قبيصة بن هلب، وقد رماه بعضهم بالجهالة، ولكنه وثقه العجلي وابن حبان، ومن عرفه حجة على من لَمْ يعرف، فهو مختلف فيه.
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال أبو عيسى: وقد صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي حديث عبد الله بن مسعود:(لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ينصرف عن يساره)، وفي حديث أنس:(أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه).
فإن قلت: قد استعمل كلّ واحد منهما صيغة أفعل التفضيل، فظاهر قول أحدهما ينافي ظاهر قول الآخر، في وجه التوفيق بينهما؟
قلت: قال النووي: يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة