سفيان عن يحيى بن هانئ عن عبد الحميد بن محمود، قال: صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة، فدفعنا إلى السواري) أي: بسبب المزاحمة، (فتقدمنا) من السواري (وتأخرنا) عنها، (كنا نتقي هذا) أي: كنا نحترز عن الصلاة بين السواري.
قال في "العون": والحديث يدل على كراهة الصلاة بين السواري، والعلة في الكراهة ما قاله أبو بكر بن العربي: من أن ذلك إما لانقطاع الصف، أو لأنه موضع جمع النعال، قال ابن سيد الناس: والأول أشبه؛ لأن الثاني محدث، قال القرطبي: روي أن سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين، قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري، وبه قال أحمد وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك. انتهى.
وروى سعيد بن منصور في "سننه" النهي عن ذلك، عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة، قال ابن سيد الناس: ولا يعلم مخالف لهم من الصحابة، ورخص فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن المنذر قياسًا على الإمام والمنفرد، قالوا: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين.
قلت: يدل على التفرقة بين الجماعة والمفرد حديث قرة عن أبيه قال: (وكنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردًا) رواه ابن ماجه؛ لأنه ليس فيه إلا ذكر النهي عن الصف بين السواري، ولم يقل: كنا ننهى عن الصلاة بين السواري، وأما حديث الباب. . ففيه النهي عن مطلق الصلاة بين السواري، فيحمل المطلق على المقيد، ويدل على ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم بين الساريتين، فيكون النهي على هذا مختصًا