وفي رواية مسلم:(قال) البراء: (كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. . أحببنا) أي: اغتبطنا (أن نكون) في صلاتنا معه (عن) جهة (يمينه) لكون يمين الصف أفضل، ولكونه (يقبل علينا بوجهه) الشريف عند سلامه من الصلاة أولًا قبل أن يقبل على من على يساره، وقيل: معناه يقبل علينا عند الانصراف، قال القرطبي: ويحتمل أن يكون هذا الإقبال منه صلى الله عليه وسلم في حال سلامه من الصلاة؛ فإنه كان يبدأ السلام بيمينه، والأظهر أنه كان حين انصرافه، ويكون هذا حين كان يكثر أن ينصرف عن يمينه، كما قاله أنس، والله أعلم. انتهى من "المفهم".
وقال القاضي عياض: إقباله هذا يحتمل أنه عند القيام والذهاب عن الصلاة، ويحتمل أنه التيامن عند السلام وهو الأظهر؛ لأن عادته صلى الله عليه وسلم إذا انصرف أن يقبل على الجميع بوجهه المبارك، انصرف عن يمينه أو شماله، ثم هذا الإقبال يحتمل أنه بعد قيامه من مصلاه، أو يكون ينفتل دون قيام، وفيه أن الإمام لا يبقى في محله، بل يقوم أو ينحرف؛ وذلك لئلا يخلط على الناس، فيظن الداخل أنه في صلاة، ولأن سبب استحقاقه ذلك المحل انقضى، فلا يكون أولى به من غيره، وأيضًا ففيه شيء من العجب والكبر، كما قيل في صلاته على أرفع مما عليه أصحابه، وهو صلى الله عليه وسلم وإن أمن منه ذلك، ففعله لئلا يكون ذلك سنة لأمته. انتهى من "إكمال المعلم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم أخرجه في كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب يمين الإمام الحديث، رقم (١٦٤٠) مطولًا، وأبو داوود في كتاب الصلاة، باب الإمام ينحرف بعد التسليم الحديث (٦١٥)، وأخرجه النسائي في كتاب الإمامة.