الحر، فإذا لم يقدر أحدنا أن يمكن جبهته .. بسط ثوبه، فسجد عليه) أي: كنا نصلي مع رسول الله صلاة الظهر في شدة الحر؛ أي: في الحر الشديد، فإذا لم يقدر أحدنا؛ أي: لم يستطع أحدنا -كما هو رواية مسلم- أن يمكن جبهته من السجود على الأرض .. بسط ثوبه المتصل به في الصلاة؛ ليكون وقاية له عن حرارة الأرض، فسجد عليه، أي: على ثوبه المبسوط، قال القرطبي: وهذا مما يدل على جواز الصلاة على البسط والثياب لا سيما عند الضرورة والمشقة، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها. انتهى.
وقال القاضي عياض: فيه السجود على الثياب لا سيما عندما يتقى به من حر أو برد أو شوك، وفيه أن السنة مباشرة الأرض بالجبهة إلا عند الضرورة من حر أو شوك، وفيه السجود على ما خف من طاقات العمامة، وأما على كورها .. فمكروه عند مالك، ولم يأمره بالإعادة إن فعل، وأوجبها عليه ابن حبيب في الوقت، ومنع منه الشافعي، وأجازه الحنفية. انتهى.
وقال النووي: في الحديث دليل لمن أجاز السجود على طرف ثوبه المتصل به، وبه قال أبو حنيفة والجمهور، ولم يجوزه الشافعي، وتأول هذا الحديث وشبهه كحديث ثابت بن الصامت المذكور آنفًا على السجود على ثوب منفصل. انتهى، قال القرطبي: وقول أنس: (كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شدة الحر) ليس فيه دليل على أنه كان لا يبرد، وقد توجد سورة الحر وشدته بعد الإبراد إلا أنها أخف مما قبلها، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصلاة، باب السجود على الثوب في شدة الحر الحديث، رقم (٣٨٥) بنحوه، وأخرجه أيضًا