وانتفى فعل الصلاة .. رُفع المانع من الكفر. انتهى، قال القرطبي: يعني: أن من ترك الصلاة .. لم يبق بينه وبين الكفر حاجز يحجزه عنه ولا مانع يمنعه منه؛ أي: قد صار كافرًا، وهذا إنما يكون بالإجماع فيمن كان جاحدًا لوجوبها، فأما من كان معترفًا بوجوبها متهاونًا بفعلها وتاركًا لها .. فالجمهور على أنه يُقتل إذا أخرجها عن آخر وقتها، أو عن وقتها الضروري.
ثم هل يُقتل كفرًا أو حدًا؟ فيه خلاف، فممن ذهب إلى الأول: أحمد بن حنبل وابن المبارك وإسحاق وابن حبيب من أصحابنا، ورُوي ذلك عن علي بن أبي طالب، وممن ذهب إلى الثاني: مالك والشافعي وكثير من أهل العلم، قالوا: يُقتل حدًا إذا عرضت عليه فلم يفعلها، ثم هل يُستتاب أم لا؟ قولان لأصحابنا، وقال الكوفيون: لا يُقتل ويُؤمر بفعلها ويُعزر حتى يفعلها، والصحيح أنه ليس بكافر؛ لأن الكفر الجحد، كما تقدم، وليس بجاحد، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال:"خمس صلوات افترضهن الله تعالى على العباد، فمن جاء بهن ولم يُضيّع منهن شيئًا .. كان له عند الله عنهد أن يغفر له، ومن لم يأت بهن .. فليس له على الله عنهد، إن شاء .. غفر له، وإن شاء عذّبه" رواه أحمد (٥/ ٣١٧ و ٣٢٢)، وأبو داوود (٤٢٥)، والنسائي (١/ ٢٣٠)، ومالك في "الموطأ"(١/ ٢٣).
فهذا الحديث ينص على أن ترك الصلاة ليس بكفر، وأنه مما دون الشرك الذي قال الله تعالى فيه:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(١)، واختلف العلماء في أخوات الصلاة من الفرائض؛ كالزكاة والصيام والحج والوضوء والغُسل من الجنابة هل يُقتل الآبي من فعلها وإن اعترف