فصلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة، فقرأ) أبو هريرة (سورة الجمعة في السجدة الأولى) أي: في الركعة الأولى، (وفي الآخرة) أي: في الركعة الأخيرة ("إذا جاءك المنافقون"، قال عبيد الله: فأدركت أبا هريرة حين انصرف) وخرج من المسجد.
(فقلت له) أي: لأبي هريرة: (إنك) يا أبا هريرة (قرأت) لنا في صلاتك بنا (سورتين كان عليّ) بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه (يقرأ بهما) في يوم الجمعة حين يصلي بنا الجمعة (بالكوفة، فقال) لي (أبو هريرة): إنما قرأتهما اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما) في صلاة الجمعة، وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة سورتها؛ ليذكرهم بأمرها ويبين تأكيدها وأحكامها، وأما قراءة سورة المنافقين .. فلتوبيخ من يحضرها من المنافقين؛ لأنه قل من كان يتأخر عن الجمعة منهم؛ إذ قد كان هدد على التخلف عنها بحرق البيوت على من فيها.
ولعل هذا - والله أعلم - كان في أول الأمر، فلما عقل الناس أحكام الجمعة وحصل توبيخ المنافقين .. عدل عنهما إلى قراءة (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) على ما في حديث عباد بن بشر؛ لما تضمنتاه من الوعظ والتحذير والتذكير، وليخفف أيضًا عن الناس كما قال:"إذا أممت الناس .. فاقرأ بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية" رواه البخاري ومسلم وأبو داوود من حديث جابر.